السبت، 8 مايو 2010

ترجمة الصحابي الجليل خالد بن الوليد رضي الله عنه من كتاب الاستيعاب لابن عبد البر رحمه الله


خالد بن الوليد بن المغيرة
بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي المخزومي أبو سليمان وقيل أبو الوليد

أمه لبابة الصغرى

وقيل : بل هي لبابة الكبرى

والأكثر على أن أمه لبابة بنت الحارث بن حزن الهلالية

أخت ميمونة

زوج النبي صلى الله عليه وسلم


ولبابة أمه خالة بني العباس بن عبد المطلب

لأن لبابة الكبرى زوج العباس وأم بنيه

وكان خالد أحد أشراف قريش في الجاهلية وإليه كانت القبة والأعنة في الجاهلية


فأما القبة فإنهم كانوا يضربونها ثم يجمعون إليها ما يجهزون به الجيش . وأما الإعنة فإنه كان يكون المقدم على خيول قريش في الحروب ذكر ذلك الزبير
واختلف في وقت إسلامه وهجرته فقيل هاجر خالد بعد الحديبية وقيل : بل كان إسلامه الحديبية وخيبر وقيل بل كان إسلامه سنة خمس بعد فراغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من بين قريظة وقيل في أول سنة ثمان مع عمرو بن العاص وعثمان بن طلحة




وقد ذكرنا في باب أخيه الوليد بن الوليد زيادة في خبر إسلام خالد وكان خالد على خيل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية في ذي القعدة سنة ست وخيبر بعدها في المحرم وصفر سنة سبع وكانت هجرته مع عمرو بن العاص وعثمان بن طلحة فلما رآهم رسول الله عليه وسلم قال : " رمتكم مكة بأفلاذ كبدها " . ولم يزل من حين أسلم يوليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أعنة الخيل فيكون في مقدمتها في محاربة العرب


وشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فتح مكة فأبلى فيها وبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى العزى وكان بيتا عظيما لقريش وكنانة ومضر تبجله فهدمها وجعل يقول : الرجز
يا عز كفرانك اليوم لا سبحانك ... إني رأيت الله قد أهانك
قال أبو عمر لا يصح لخالد بن الوليد مشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الفتح وبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا إلى الغميصاء . ماء من مياه جذيمة من بني عامر فقتل منهم ناسا لم يكن قتله لهم صوابا فوداهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : " اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد بن الوليد " . وخبره بذلك من صحيح الأثر ولهم حديث
وكان على مقدمة رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين في بني سليم وجرح يومئذ فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم في رحله بعد ما هزمت هوازن ليعرف خبره ويعوده فنفث في جرحه فانطلق وبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنة تسع إلى أكيدر بن عبد الملك صاحب دومة الجندل وهو رجل من اليمن كان ملكا فأخذه خالد فقدم به على رسول الله صلى الله عليه وسلم فحقن دمه وأعطاه الجزية فرده إلى قومه



وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد أيضا سنة عشر إلى بلحارث بن كعب فقدم معه رجال منهم فأسلموا ورجعوا إلى قومهم بنجران
وذكب ابن أبي شيبة عن وكيع عن إسماعيل عن قيس قال : سمعت خالد بن الوليد يقول : اندقت في يدي يوم مؤتة تسعة أسياف فما صبرت في يدي إلا صفيحة يمانية
وأمره أبو بكر الصديق على الجيوش . ففتح الله عليه اليمامة وغيرها




وقتل على يده أكثر أهل الردة
منهم
مسيلمة ومالك بن نويرة




وقد اختلف في حال مالك بن نويرة

فقيل إنه قتله مسلما لظن ظنه به وكلام سمعه منه وأنكر عليه أبو قتادة قتله
وخالفه في ذلك
وأقسم ألا يقاتل تحت رايته أبدا .

وقيل

بل قتله كافرا وخبره في ذلك يطول ذكره

وقد ذكره كل من ألف في الردة .


ثم افتتح دمشق وكان يقال له سيف الله
حدثنا عبد الوارث بن سفيان حدثنا قاسم بن أصبغ حدثنا أحمد بن زهير قال : حدثنا إسماعيل بن عبد الله بن خالد السكوني قال : حدثنا الوليد بن مسلم قال : حدثنا وحشي بن حرب عن أبيه عن جده أنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم - وذكر خالد بن الوليد - فقال : نعم عبد الله وأخو العشيرة وسيف من سيوف الله سله الله على الكفار والمنافقين "
حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال : حدثنا قاسم بن أصبغ حدثنا أحمد بن زهير حدثنا الربيع بن ثعلبة حدثنا أبو إسماعيل المؤدب عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي عن عبد الله بن أبي أوفى قال : اشتكى عبد الرحمن بن عوف خالد بن الوليد للنبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا خالد لم تؤذي رجلا من أهل بدر لو أنفقت مثل أحد ذهبا لم تدرك عمله " فقال : يا رسول الله إنهم يقعون في فأرد عليهم فقال : " لا تؤذوا خالدا فإنه سيف من سيوف الله صبه الله على الكفار "
روى جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : وقع بين خالد بن الوليد وعمار بن ياسر كلام فقال : عمار لقد هممت ألا أكلمك أبدا فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " يا خالد مالك ولعمار رجل من أهل الجنة قد شهد بدرا وقال لعمار : إن خالدا - يا عمار - سيف من سيوف الله على الكفار " . قال : خالد فما زلت أحب عمارا من يومئذ
ولما حضرت خالد بن الوليد الوفاة قال : لقد شهدت مائة زحف أو زهاءها وما في جسدي موضع شبر إلا وفيه ضربة أو طعنة أو رمية ثم هأنذا أموت على فراشي كما يموت العير فلا نامت أعين الجبناء






وتوفي خالد بن الوليد بحمص . وقيل بل توفي بالمدينة سنة إحدى وعشرين . وقيل : بل توفي بحمص ودفن في قرية على ميل من حمص سنة إحدى وعشرين أو اثنتين وعشرين في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأوصى إلى عمر ابن الخطاب
وروى يحيى بن سعيد القطان عن سفيان عن حبيب بن أبي ثابت عن أبي وائل قال : بلغ عمر بن الخطاب أن نسوة من نساء بني المغيرة اجتمعن في دار يبيكن على خالد بن الوليد فقال عمر : وما عليهن أن يبكين أبا سليمان ما لم يكن نقع أو لقلقة


وذكر محمد بن سلام قال : لم تبق امرأة من بني المغيرة إلا وضعت لمتها على قبر خالد بن الوليد يقول : حلقت رأسها
##

الاستيعاب م 1 ص 127

ترجمة الصحابي الجليل خالد بن الوليد رضي الله عنه من كتاب أسد الغابة

خالد بن الوليد بن المغيرة

ب د ع 

خالد بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم أبو سليمان وقيل : أبو الوليد القرشي المخزومي أمه لبابة الصغرى

وقيل : الكبرى والأول أصح وهي بنت الحارث بن حزن الهلالية وهي أخت ميمونة بنت الحارث زوج النبي صلى الله عليه وسلم وأخت لبابة الكبرى زوج العباس بن عبد المطلب عم النبي صلى الله عليه وسلم هو ابن خالة أولاد العباس الذين من لبابة


وكان أحد الأشراف قريش في الجاهلية وكان إليه القبة وأعنه الخيل في الجاهلية أما القبة فكانوا يضربونها يجمعون فيها ما يجهزون به الجيش وأما الأعنة فإنه كان يكون المقدم على خيول قريش في الحرب قاله الزبير بن بكار
ولما أراد الإسلام قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم هو وعمرو بن العاص وعثمان بن طلحة بن أبي طلحة العبدري فلما رآهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه : " رمتكم مكة بأفلاذ كبدها "



وقد اختلف في وقت إسلامه وهجرته

فقيل : هاجر بعد الحديبية وقبل خيبر وكانت الحديبية في ذي القعدة سنة ست وخيبر بعدها في المحرم سنة سبع وقيل : بل كان إسلامه سنة خمس بعد فراغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من بني قريظة وليس بشيء . وقيل : كان إسلامه سنة ثمان وقال بعضهم : كان على خيل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية وكانت سنة ست وهذا القول مردود فإن الصحيح أن خالد بن الوليد كان على خيل المشركين يوم الحديبية
أخبرنا أبو جعفر عبيد الله بن أحمد بن علي البغدادي بإسناده إلى يونس بن بكير عن ابن إسحاق قال : حدثني الزهري عن عروة عن مروان بن الحكم والمسور بن مخرمة حدثاه جميعا : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج يريد زيارة البيت لا يريد حربا وساق معه الهدي سبعين بدنة فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا انتهى إلى عسفان لقيه بسر بن سفيان الكعبي كعب خزاعة قال : يا رسول الله هذه قريش قد سمعوا بمسيرك فخرجوا بالعوذ المطافيل قد لبسوا جلود النمور يعاهدون الله أن لا تدخل عليهم مكة عنوة أبدا


وهذا هو خالد بن الوليد في خيل قريش قد قدموه إلى كراع الغميم



فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا ويح قريش قد أكلتها الحرب " .

وذكر الحديث فهذا صحيح


يقول فيه : أنه على خيل قريش
أخبرنا إسماعيل بن عبد الله بن علي وغيره قالوا بإسنادهم إلى أبي عيسى محمد بن عيسى أخبرنا قتيبة حدثنا الليث عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن أبي هريرة قال : نزلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم منزلافجعل الناس يمرون فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من هذا يا أبا هريرة " فأقول : فلان فيقول : " نعم عبد الله هذا " . حتى مر خالد بن الوليد


فقال : " من هذا " قلت : خالد بن الوليد


فقال : " نعم عبد الله خالد بن والوليد سيف من سيوف الله " .


ولعل هذا القول كان بعد غزوة مؤتة فإن النبي صلى الله عليه وسلم إنما سمى خالدا سيفا من سيوف الله فيها فإنه خطب الناس وأعلكهم بقتل زيد وجعفر وابن رواحة وقال : ثم أخذ الراية سيف من سيوف الله خالد بن الوليد ففتح الله عليه وقال خالد : لقد اندق يومئذ في يدي سبعة أسياف فما ثبت في يدي إلا صفيحة يمانية ولم يزل من حين أسلم يوليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أعنة الخيل فيكون في مقدمتها في محاربة العرب وشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فتح مكة فأبلى فيها وبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى العزى 



وكان بيتا عظيما لمضر تبجله فهدمها وقال : الرجز :
يا عز كفرانك لا سبحانك ... إني رأيت الله قد أهانك




ولا يصح لخالد مشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل فتح مكة


ولما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة بعثه إلى بني جذيمة من بني عامر بن لؤي

فقتل منهم من لم يجز له قتله

فقال النبي صلى الله عليه وسلم :

" اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد




فأرسل مالا مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه فوردى القتلى وأعطاهم ثمن ما أخذ منهم حتى ثمن ميغلة الكلب وفضل معه فضلة من المال


فقسمها فيهم


فلما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك استحسنه


ولما رجع خالد بن الوليد من بني جذيمة أنكر عليه عبد الرحمن ابن عوف ذلك وجرى بينهما كلام


فسب خالد عبد الرحمن بن عوف فغضب النبي صلى الله عليه وسلم


وقال لخالد : " لا تسبوا أصحابي فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك أحدهم ولا نصيفه "



وكان على مقدمة رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين في بني سليم

فجرح خالد

فعاده رسول الله صلى الله عليه وسلم ونفث في جرحه فبرأ


وأرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أكيدر بن عبد الملك صاحب دومة الجندل

فأسره وأحضره عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فصالحه على الجزية ورده إلى بلده

وأرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة عشر إلى بني الحارث بن كعب بن مذحج

فقدم معه رجال منهم فأسلموا ورجعوا إلى قومهم بنجران


ثم إن أبا بكر أمره بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم على قتال المرتدين


منهم : مسيلمة الحنفي في اليمامة وله في قتالهم الأثر العظيم


ومنهم مالك بن نويرة في بني يربوع من تميم وغيرهم

إلا أن الناس اختلفوا في قتل مالك بن نويرة


فقيل :


إنه قتل مسلما لظن ظنه خالد به وكلام سمعه منه وأنكر عليه أبو قتادة


وأقسم أنه لا يقاتل تحت رايته وأنكر عليه ذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه


وله الأثر المشهور في قتال الفرس والروم وافتتح دمشق

وكان في قلنسوته التي يقاتل بها شعر من شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم يستنصره به وببركته فلا يزال منصورا
أخبرنا أبو الفضل بن أبي الحسن بن أبي عبد الله المخزومي بإسناده إلى أحمد بن علي بن المثنى قال : حدثنا سريج بن يونس أخبرنا هشيم عن عبد الحميد بن جعفر عن أبيه قال : قال خالد بن الوليد : اعتمرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في عمرة اعتمرها فحلق شعره فاستبق الناس إلى شعره فسبقت إلى الناصية فأخذتها فاتخذت قلنسوة فجعلتها في مقدم القلنسوة فما وجهته في وجه إلا وفتح له



وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم روى عنه ابن عباس وجابر بن عبد الله والمقدام بن معد يكرب وأبو أمامة بن سهل بن حنيف وغيرهم وروى معمر عن الزهري عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن عبد الله بن عباس عن خالد بن الوليد : أنه دخل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت ميمونة فأتى بضب محنوذ فأهوى إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد أن يأكل منه فقالوا : يا رسول الله هو ضب . فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده فقلت : أحرام هو قال : " لا ولكنه لم يكن بأرض قومي فأجدني أعافه " . قال خالد : فاجتزرته فأكلته ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر



ولما حضرت خالد بن الوليد الوفاة قال : لقد شهدت مائة زحف أو زهاءها وما في بدني موضع شبر إلا وفيه ضربة أو طعنة أو رمية وها أنا أموت على فراشي كما يموت العير فلا نامت أعين الجبناء وما من عمل أرجى من " لا إله إلا الله " وأنا متترس بها
وتوفي بحمص من الشام وقيل : بلى توفي بالمدينة سنة إحدى وعشرين في خلافة عمر بن الخطاب وأوصى إلى عمرو رضي الله عنه ولما بلغ عمر أن نساء بني المغيرة اجتمعن في دار يبكين على خالد قال عمر : ما عليهن أن يبكين أبا سليمان ما لم يكن نقع أو لقلقة قيل : لم تبق امرأة من بني المغيرة إلا وضعت لمتها على قبر خالد يعني حلقت رأسها . ولما حضرته الوفاة حبس فرسه وسلاحه في سبيل الله



قال الزبير بن أبي بكر : وقد انقرض ولد خالد بن الوليد فلم يبق منهم أحد وورث أيوب بن سلمة دورهم بالمدينة
أخرجه الثلاثة
سريج بن يونس : بالسين المهملة والجيم
والعوذ المطافيل : يريد النساء والصبيان والعوذ في الأصل : جمع عائذ وهي الناقة إذا وضعت وبعد ما تضع أياما . والمطفل : الناقة معها فصيلها
قوله : نقع ولقلقة فالنقع : رفع الصوت وقيل : أراد شق الجيوب واللقلقة : الجلبة كأنه حكاية الأصوات إذا كثرت واللقلق : اللسان
##
ابن الأثير أسد الغابة م 1 ص 313 خالد بن الوليد بن المغيرة