الاثنين، 20 أغسطس 2007

خالد بن الوليد رضي الله عنه

خالد بن الوليد ( خ ، م ، د ، س ، ق ) ابن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم بن يقظة بن كعب . سيف الله تعالى ، وفارس الإسلام ، وليث المشاهد ، السيد ، الإمام ، الأمير الكبير ، قائد المجاهدين ، أبو سليمان القرشي المخزومي المكي ، وابن أخت أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث . هاجر مسلما في صفر سنة ثمان ، ثم سار غازيا ، فشهد غزوة مؤتة ، واستشهد أمراء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الثلاثة : مولاه زيد ، وابن عمه جعفر ذو الجناحين ، وابن رواحة ، وبقي الجيش بلا أمير ، فتأمر عليهم في الحال خالد ، وأخذ الراية ، وحمل على العدو ، فكان النصر . وسماه النبي - صلى الله عليه وسلم - سيف الله ، فقال : إن خالدا سيف سله الله على المشركين . وشهد الفتح وحنينا ، وتأمر في أيام النبي - صلى الله عليه وسلم - واحتبس أدراعه ولأمته في سبيل الله ، وحارب أهل الردة ، ومسيلمة ، وغزا العراق ، واستظهر ، ثم اخترق البرية السماوية بحيث إنه قطع المفازة من حد العراق إلى أول الشام في خمس ليال في عسكر معه ، وشهد حروب الشام ، ولم يبق في جسده قيد شبر إلا وعليه طابع الشهداء . ومناقبه غزيرة ، أمره الصديق على سائر أمراء الأجناد ، وحاصر دمشق فافتتحها هو وأبو عبيدة . عاش ستين سنة وقتل جماعة من الأبطال ، ومات على فراشه ، فلا قرت أعين الجبناء . توفي بحمص سنة إحدى وعشرين ومشهده على باب حمص عليه جلالة . حدث عنه ابن خالته عبد الله بن عباس ، وقيس بن أبي حازم ، والمقدام بن معدي كرب ، وجبير بن نفير ، وشقيق بن سلمة ، وآخرون . له أحاديث قليلة . مسلم : من طريق ابن شهاب ، عن أبي أمامة بن سهل أن ابن عباس أخبره أن خالد بن الوليد الذي كان يقال له : سيف الله أخبره أنه دخل على خالته ميمونة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوجد عندها ضبا محنوذا قدمت به أختها حفيدة بنت الحارث من نجد ، فقدمته لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرفع يده ، فقال خالد : أحرام هو يا رسول الله ؟ قال : لا ، ولكنه لم يكن بأرض قومي فأجدني أعافه . فاجتررته فأكلته ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينظر ولم ينه . هشام بن حسان : عن حفصة بنت سيرين ، عن أبي العالية : أن خالد بن الوليد قال : يا رسول الله ، إن كائدا من الجن يكيدني ، قال : قل : أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر من شر ما ذرأ في الأرض ، وما يخرج منها ، ومن شر ما يعرج في السماء وما ينزل منها ، ومن شر كل طارق إلا طارقا يطرق بخير يا رحمن . ففعلت ، فأذهبه الله عني . وعن حيان بن أبي جبلة ، عن عمرو بن العاص ، قال : ما عدل بي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبخالد أحدا في حربه منذ أسلمنا . يونس بن أبي إسحاق ، عن العيزار بن حريث أن خالد بن الوليد أتى على اللات والعزى فقال :
يا عز كفرانك لا سبحانك
إني رأيت الله قد أهانك

وروى زكريا بن أبي زائدة ، عن أبي إسحاق ، عن أبي عبد الرحمن السلمي أن خالدا قال مثله . قال قتادة : مشى خالد إلى العزى ، فكسر أنفها بالفأس . وروى سفيان بن حسين ، عن قتادة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث خالدا إلى العزى ، وكانت لهوازن ، وسدنتها بنو سليم ، فقال : انطلق ، فإنه يخرج عليك امرأة شديدة السواد ، طويلة الشعر ، عظيمة الثديين ، قصيرة . فقالوا يحرضونها :
يا عز شدي شدة لا سواكها
على خالد ألقي الخمار وشمري

فإنك إن لا تقتلي المرء خالدا
تبوئي بذنب عاجل وتقصري

فشد عليها خالد ، فقتلها ، وقال : ذهبت العزى فلا عزى بعد اليوم . الزهري : عن عبد الرحمن بن أزهر : رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم حنين يتخلل الناس ، يسأل عن رحل خالد ، فدل عليه ، فنظر إلى جرحه ، وحسبت أنه نفث فيه . وقال ابن عمر : بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - خالدا إلى بني جذيمة ، فقتل وأسر ، فرفع النبي - صلى الله عليه وسلم - يديه وقال : اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد . مرتين . الواقدي : عن رجل ، عن إياس بن سلمة عن أبيه قال : لما قدم خالد بعد صنيعه ببني جذيمة ، عاب عليه ابن عوف ما صنع ، وقال : أخذت بأمر الجاهلية ، قتلتهم بعمك الفاكه ، قاتلك الله . قال : وأعابه عمر ، فقال خالد : أخذتهم بقتل أبيك ، فقال عبد الرحمن : كذبت ، لقد قتلت قاتل أبي بيدي ، ولو لم أقتله ، لكنت تقتل قوما مسلمين بأبي في الجاهلية ، قال : ومن أخبرك أنهم أسلموا ؟ فقال : أهل السرية كلهم . قال : جاءني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أغير عليهم ، فأغرت ، قال : كذبت على رسول الله ، وأعرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن خالد وغضب وقال : " يا خالد ، ذروا لي أصحابي متى ينكأ إلف المرء ينكأ المرء " . الواقدي : حدثنا يحيى بن عبد الله بن أبي قتادة ، عن أهله ، عن أبي قتادة قال : لما نادى خالد في السحر : من كان معه أسير فليدافه ، أرسلت أسيري ، وقلت لخالد : اتق الله ، فإنك ميت ، وإن هؤلاء قوم مسلمون . قال : إنه لا علم لك بهؤلاء . إسناده فيه الواقدي ، ولخالد اجتهاده ، ولذلك ما طالبه النبي - صلى الله عليه وسلم - بدياتهم . الواقدي : حدثنا يوسف بن يعقوب بن عتبة ، عن عثمان الأخنسي ، عن عبد الملك بن أبي بكر ، قال : بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - خالدا إلى الحارث بن كعب أميرا وداعيا ، وخرج مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع ، فلما حلق رأسه ، أعطاه ناصيته ، فعملت في مقدمة قلنسوة خالد ، فكان لا يلقى عدوا إلا هزمه . وأخبرني من غسله بحمص ، ونظر إلى ما تحت ثيابه ، قال : ما فيه مصح ما بين ضربة بسيف ، أو طعنة برمح ، أو رمية بسهم . الوليد بن مسلم : حدثنا وحشي بن حرب ، عن أبيه ، عن جده وحشي : أن أبا بكر عقد لخالد على قتال أهل الردة وقال : إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : خالد بن الوليد سيف من سيوف الله سله الله على الكفار والمنافقين . رواه أحمد في " مسنده " . هشام بن عروة : عن أبيه قال : كان في بني سليم ردة ، فبعث أبو بكر إليهم خالد بن الوليد فجمع رجالا منهم في الحظائر ، ثم أحرقهم ، فقال عمر لأبي بكر : أتدع رجلا يعذب بعذاب الله ؟ قال : والله لا أشيم سيفا سله الله على عدوه . ثم أمره ، فمضى إلى مسيلمة . ضمرة بن ربيعة : أخبرني السيباني عن أبي العجماء ، وإنما هو أبو العجفاء السلمي ، قال : قيل لعمر : لو عهدت يا أمير المؤمنين ، قال : لو أدركت أبا عبيدة ثم وليته ثم قدمت على ربي ، فقال لي : لم استخلفته ؟ لقلت : سمعت عبدك وخليلك يقول : لكل أمة أمين ، وإن أمين هذه الأمة أبو عبيدة . ولو أدركت خالد بن الوليد ثم وليته فقدمت على ربي لقلت : سمعت عبدك وخليلك يقول : خالد سيف من سيوف الله سله الله على المشركين . رواه الشاشي في " مسنده " . أحمد في " المسند " : حدثنا حسين الجعفي ، عن زائدة ، عن عبد الملك بن عمير ، قال : استعمل عمر أبا عبيدة على الشام وعزل خالدا ، فقال أبو عبيدة : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : خالد سيف من سيوف الله ، نعم فتى العشيرة . حميد بن هلال : عن أنس : نعى النبي - صلى الله عليه وسلم - أمراء يوم مؤتة فقال : أصيبوا جميعا ثم أخذ الراية بعد سيف من سيوف الله خالد . وجعل يحدث الناس وعيناه تذرفان . إسماعيل بن أبي خالد : عن قيس ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إنما خالد سيف من سيوف الله صبه على الكفار . أبو إسماعيل المؤدب : عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن الشعبي ، عن ابن أبي أوفى ، مرفوعا بمعناه . وجاء من طرق عن أبي هريرة نحوه . أبو المسكين الطائي : حدثنا عمران بن زحر ، حدثني حميد بن منيب قال : قال جدي أوس ، لم يكن أحد أعدى للعرب من هرمز ، فلما فرغنا من مسيلمة أتينا ناحية البصرة ، فلقينا هرمز بكاظمة ، فبارزه خالد فقتله ، فنفله الصديق سلبه ، فبلغت قلنسوته مائة ألف درهم ، وكانت الفرس من عظم فيهم ، جعلت قلنسوته بمائة ألف . قال أبو وائل : كتب خالد إلى الفرس : إن معي جندا يحبون القتل كما تحب فارس الخمر . هشيم : حدثنا عبد الحميد بن جعفر ، عن أبيه ، أن خالد بن الوليد فقد قلنسوة له يوم اليرموك ، فقال : اطلبوها . فلم يجدوها ، ثم وجدت فإذا هي قلنسوة خلقة ، فقال خالد : اعتمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فحلق رأسه ، فابتدر الناس شعره ، فسبقتهم إلى ناصيته ، فجعلتها في هذه القلنسوة ، فلم أشهد قتالا وهي معي إلا رزقت النصر . ابن وهب : عن عبد الرحمن بن أبي الزناد ، عن عبد الرحمن بن الحارث : أخبرني الثقة أن الناس يوم حلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ابتدروا شعره ، فبدرهم خالد إلى ناصيته ، فجعلها في قلنسوته . ابن أبي خالد : عن قيس ، سمعت خالدا يقول : لقد رأيتني يوم مؤتة اندق في يدي تسعة أسياف ، فصبرت في يدي صفيحة يمانية . ابن عيينة : عن ابن أبي خالد ، عن مولى لآل خالد بن الوليد ، أن خالدا قال : ما من ليلة يهدى إلي فيها عروس أنا لها محب أحب إلي من ليلة شديدة البرد ، كثيرة الجليد في سرية أصبح فيها العدو . يونس بن أبي إسحاق : عن العيزار بن حريث قال : قال خالد : ما أدري من أي يومي أفر : يوم أراد الله أن يهدي لي فيه شهادة ، أو يوم أراد الله أن يهدي لي فيه كرامة . قال قيس بن أبي حازم : سمعت خالدا يقول : منعني الجهاد كثيرا من القراءة ورأيته أتي بسم ، فقالوا : ما هذا ؟ قالوا : سم . قال : باسم الله . وشربه . قلت : هذه والله الكرامة ، وهذه الشجاعة . يونس بن أبي إسحاق : عن أبي السفر قال : نزل خالد بن الوليد الحيرة على أم بني المرازبة ، فقالوا : احذر السم لا تسقك الأعاجم ، فقال : ائتوني به ، فأتي به ، فاقتحمه وقال : باسم الله ، فلم يضره . أبو بكر بن عياش : عن الأعمش ، عن خيثمة ، قال أتي خالد بن الوليد برجل معه زق خمر ، فقال : اللهم اجعله عسلا ، فصار عسلا . رواه يحيى بن آدم ، عن أبي بكر ، وقال : خلا بدل العسل ، وهذا أشبه ، ويرويه عطاء بن السائب عن محارب بن دثار مرسلا . ابن أبي خالد : عن قيس ، قال : طلق خالد بن الوليد امرأة ، فكلموه ، فقال : لم يصبها عندي مصيبة ، ولا بلاء ، ولا مرض ; فرابني ذلك منها . المدائني ; عن ابن أبي ذئب ، عن الزهري ، عن سالم ، عن أبيه ، قال : قدم أبو قتادة على أبي بكر ، فأخبره بقتل مالك بن نويرة وأصحابه . فجزع ، وكتب إلى خالد ، فقدم عليه ، فقال أبو بكر : هل تزيدون على أن يكون تأول ، فأخطأ ؟ ثم رده ، وودى مالكا ، ورد السبي والمال . وعن ابن إسحاق قال : دخل خالد على أبي بكر ، فأخبره واعتذر ، فعذره . قال سيف في " الردة " : عن هشام بن عروة ، عن أبيه قال : شهد قوم من السرية أنهم أذنوا وأقاموا وصلوا ، ففعلوا مثل ذلك ، وشهد آخرون بنفي ذلك ، فقتلوا . وقدم أخوه متمم بن نويرة ينشد الصديق دمه ، ويطلب السبي ، فكتب إليه برد السبي ، وألح عليه عمر في أن يعزل خالدا ، وقال : إن في سيفه رهقا . فقال : لا يا عمر ، لم أكن لأشيم سيفا سله الله على الكافرين . سيف : عن ابن إسحاق ، عن محمد بن جعفر بن الزبير وغيره أن خالدا بث السرايا ، فأتي بمالك ، فاختلف قول الناس فيهم وفي إسلامهم ، وجاءت أم تميم كاشفة وجهها ، فأكبت على مالك - وكانت أجمل الناس - فقال لها : إليك عني ; فقد والله قتلتني . فأمر بهم خالد ، فضربت أعناقهم . فقام أبو قتادة ، فناشده فيهم ، فلم يلتفت إليه ، فركب أبو قتادة فرسه ، ولحق بأبي بكر وحلف : لا أسير في جيش وهو تحت لواء خالد . وقال : ترك قولي ، وأخذ بشهادة الأعراب الذين فتنتهم الغنائم . ابن سعد : أنبأنا محمد بن عمر ، حدثني عتبة بن جبيرة ، عن عاصم بن عمر بن قتادة . قال : وحدثني محمد بن عبد الله ، عن الزهري ، وحدثنا أسامة بن زيد عن الزهري ، عن حنظلة بن علي الأسلمي في حديث الردة : فأوقع بهم خالد ، وقتل مالكا ، ثم أوقع بأهل بزاخة وحرقهم ، لكونه بلغه عنهم مقالة سيئة ، شتموا النبي - صلى الله عليه وسلم - ومضى إلى اليمامة ، فقتل مسيلمة ، إلى أن قال : وقدم خالد المدينة بالسبي ومعه سبعة عشر من وفد بني حنيفة ، فدخل المسجد وعليه قباء عليه صدأ الحديد ، متقلدا السيف ، في عمامته أسهم . فمر بعمر ، فلم يكلمه ، ودخل على أبي بكر ، فرأى منه كل ما يحب ، وعلم عمر ، فأمسك . وإنما وجد عمر عليه لقتله مالك بن نويرة ، وتزوج بامرأته . جويرية بن أسماء : قال : كان خالد بن الوليد من أمد الناس بصرا ، فرأى راكبا وإذا هو قد قدم بموت الصديق وبعزل خالد . قال ابن عون : ولي عمر ، فقال : لأنزعن خالدا حتى يعلم أن الله إنما ينصر دينه ، يعني بغير خالد . وقال هشام بن عروة عن أبيه ، قال : لما استخلف عمر ، كتب إلى أبي عبيدة : إني قد استعملتك ، وعزلت خالدا . وقال خليفة : ولى عمر أبا عبيدة على الشام ، فاستعمل يزيد على فلسطين ، وشرحبيل بن حسنة على الأردن ، وخالد بن الوليد على دمشق ، وحبيب بن مسلمة على حمص . الزبير بن بكار : حدثني محمد بن مسلمة ، عن مالك ، قال : قال عمر لأبي بكر : اكتب إلى خالد : ألا يعطي شاة ولا بعيرا إلا بأمرك . فكتب أبو بكر بذلك ، قال : فكتب إليه خالد : إما أن تدعني وعملي ، وإلا فشأنك بعملك . فأشار عمر بعزله ، فقال : ومن يجزئ عنه ؟ قال عمر : أنا ، قال : فأنت . قال مالك : قال زيد بن أسلم : فتجهز عمر حتى أنيخت الظهر في الدار ، وحضر الخروج ، فمشى جماعة إلى أبي بكر ، فقالوا : ما شأنك تخرج عمر من المدينة وأنت إليه محتاج ، وعزلت خالدا وقد كفاك ؟ قال : فما أصنع ؟ قالوا : تعزم على عمر ليجلس ، وتكتب إلى خالد ، فيقيم على عمله ، ففعل . هشام بن سعد : عن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، قال عمر لأبي بكر : تدع خالدا بالشام ينفق مال الله ؟ قال فلما توفي أبو بكر ، قال أسلم : سمعت عمر يقول : كذبت الله إن كنت أمرت أبا بكر بشيء لا أفعله ، فكتب إلى خالد . فكتب خالد إليه : لا حاجة لي بعملك . فولى أبا عبيدة . الحارث بن يزيد : عن علي بن رباح ، عن ناشرة اليزني : سمعت عمر بالجابية ، واعتذر من عزل خالد ، قال : وأمرت أبا عبيدة . فقال أبو عمرو بن حفص بن المغيرة والله ما أعذرت ، نزعت عاملا استعمله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ووضعت لواء رفعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : إنك قريب القرابة ، حديث السن ، مغضب في ابن عمك . ومن كتاب سيف عن رجاله قال : كان عمر لا يخفى عليه شيء من عمله ، وإن خالدا أجاز الأشعث بعشرة آلاف ، فدعا البريد ، وكتب إلى أبي عبيدة أن تقيم خالدا وتعقله بعمامته ، وتنزع قلنسوته حتى يعلمكم من أين أجاز الأشعث ؟ أمن مال الله أم من ماله ؟ فإن زعم أنه من إصابة أصابها ، فقد أقر بخيانة ، وإن زعم أنها من ماله ، فقد أسرف ، واعزله على كل حال ، واضمم إليك عمله . ففعل ذلك . فقدم خالد على عمر فشكاه وقال : لقد شكوتك إلى المسلمين ، وبالله يا عمر إنك في أمري غير مجمل . فقال عمر : من أين هذا الثراء ؟ قال : من الأنفال والسهمان ، ما زاد على الستين ألفا فلك تقوم عروضه . قال : فخرجت عليه عشرون ألفا ، فأدخلها بيت المال ، ثم قال : يا خالد ، والله إنك لكريم علي وإنك لحبيب إلي ، ولن تعاتبني بعد اليوم على شيء . وعن زيد بن أسلم عن أبيه : عزل عمر خالدا فلم يعلمه أبو عبيدة حتى علم من الغير . فقال : يرحمك الله ; ما دعاك إلى أن لا تعلمني ؟ قال : كرهت أن أروعك . جويرية بن أسماء : عن نافع قال : قدم خالد من الشام وفي عمامته أسهم ملطخة بالدم ، فنهاه عمر . الأصمعي : عن ابن عون ، عن ابن سيرين ، أن خالد بن الوليد دخل وعليه قميص حرير ، فقال عمر : ما هذا ؟ قال : وما بأسه ؟ قد لبسه ابن عوف . قال : وأنت مثله ؟ ! عزمت على من في البيت إلا أخذ كل واحد منه قطعة ، فمزقوه . روى عاصم ابن بهدلة : عن أبي وائل أظن قال : لما حضرت خالدا الوفاة ، قال : لقد طلبت القتل مظانه فلم يقدر لي إلا أن أموت على فراشي ، وما من عملي شيء أرجى عندي - بعد التوحيد - من ليلة بتها وأنا متترس ، والسماء تهلني ننتظر الصبح حتى نغير على الكفار . ثم قال : إذا مت ، فانظروا إلى سلاحي وفرسي ، فاجعلوه عدة في سبيل الله . فلما توفي ، خرج عمر على جنازته ، فذكر قوله : ما على آل الوليد أن يسفحن على خالد من دموعهن ما لم يكن نقعا أو لقلقة . النقع : التراب على الرءوس ، واللقلقة : الصراخ . ويروى بإسناد ساقط أن عمر خرج في جنازة خالد بالمدينة وإذا أمه تندبه وتقول :
أنت خير من ألف ألف من القوم
إذا ما كبت وجوه الرجال

فقال عمر : صدقت إن كان لكذلك . الواقدي : حدثنا عمرو بن عبد الله بن عنبسة ، سمعت محمد بن عبد الله الديباج يقول : لم يزل خالد مع أبي عبيدة حتى توفي أبو عبيدة ، واستخلف عياض بن غنم . فلم يزل خالد مع عياض حتى مات ، فانعزل خالد إلى حمص ، فكان ثم ، وحبس خيلا وسلاحا ، فلم يزل مرابطا بحمص حتى نزل به ، فعاده أبو الدرداء ، فذكر له أن خيله التي حبست بالثغر تعلف من مالي ، وداري بالمدينة صدقة ، وقد كنت أشهدت عليها عمر . والله يا أبا الدرداء لئن مات عمر ، لترين أمورا تنكرها . وروى إسحاق بن يحيى بن طلحة ، عن عمه موسى قال : خرجت مع أبي طلحة إلى مكة مع عمر ، فبينا نحن نحط عن رواحلنا إذ أتى الخبر بوفاة خالد ، فصاح عمر : يا أبا محمد ، يا طلحة هلك أبو سليمان ، هلك خالد بن الوليد . فقال طلحة :
لا أعرفنك بعد الموت تندبني
وفي حياتي ما زودتني زادا

وعن أبي الزناد : أن خالد بن الوليد لما احتضر بكى وقال : لقيت كذا وكذا زحفا ، وما في جسدي شبر إلا وفيه ضربة بسيف ، أو رمية بسهم ، وها أنا أموت على فراشي حتف أنفي كما يموت العير فلا نامت أعين الجبناء . قال مصعب بن عبد الله : لم يزل خالد بالشام حتى عزله عمر . وهلك بالشام ، وولي عمر وصيته . وقال ابن أبي الزناد : مات بحمص سنة إحدى وعشرين وكان قدم قبل ذلك معتمرا ورجع . الواقدي : حدثنا عمر بن عبد الله بن رياح ، عن خالد بن رياح ، سمع ثعلبة بن أبي مالك يقول : رأيت عمر بقباء ، وإذا حجاج من الشام ، قال : من القوم ؟ قالوا : من اليمن ممن نزل حمص ، ويوم رحلنا منها مات خالد بن الوليد . فاسترجع عمر مرارا ، ونكس ، وأكثر الترحم عليه ، وقال : كان - والله - سدادا لنحر العدو ، ميمون النقيبة . فقال له علي : فلم عزلته ؟ قال : عزلته لبذله المال لأهل الشرف وذوي اللسان ، قال : فكنت عزلته عن المال ، وتتركه على الجند ، قال : لم يكن ليرضى ، قال : فهلا بلوته ؟ . وروى جويرية ، عن نافع ، قال : لما مات خالد لم يدع إلا فرسه وسلاحه وغلامه ، فقال عمر : رحم الله أبا سليمان ، كان على ما ظنناه به . الأعمش : عن أبي وائل قال : اجتمع نسوة بني المغيرة في دار خالد يبكينه ، فقال عمر : ما عليهن أن يرقن من دموعهن ما لم يكن نقعا أو لقلقة . قال محمد بن عبد الله بن نمير ، وإبراهيم بن المنذر ، وأبو عبيد : مات خالد بحمص سنة إحدى وعشرين . وقال دحيم : مات بالمدينة . قلت : الصحيح موته بحمص ، وله مشهد يزار . وله في " الصحيحين " حديثان ، وفي مسند بقي واحد وسبعون .